في تصنيف اسئلة دينية بواسطة
من ثمرات الإيمان بالقضاء والقدر

قال العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله : وللإيمان بالقدر ثمرات جليلة منها :

الأولى : الاعتماد على الله تعالى عند فعل الأسباب بحيث لا يعتمدُ على السبب نفسه ؛ لأن كل شيء بقدر الله تعالى.

الثانية : ألَّا يعجب المرء بنفسه عند حصول مراده ؛ لأن حصوله نعمة من الله تعالى ، بما قدره من أسباب الخير ، والنجاح ، وإعجابه بنفسه يُنسيه شكر هذه النعمة.

الثالثة : الطمأنينة ، والراحة النفسية بما يجري عليه من أقدار الله تعالى ، فلا يقلق بفوات محبوب ، أو حصول مكروه ؛ لأن ذلك بقدر الله الذي له ملك السموات والأرض ، وهو كائن لا محالة ، وفي ذلك يقول الله تعالى : ﴿ مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ * لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ ﴾، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم : ((عَجَبًا لأمْرِ المؤمنِ ، إنَّ أمرَه كُلَّهُ خيرٌ ، وليس ذاك لأحدٍ إلَّا المؤمن ، إنْ أصابَتْه سرَّاءُ شكَرَ فكانَ خيرًا له ، وإن أصابَتْه ضرَّاءُ صَبَر فكانَ خيرًا له)) ؛ [رواه مسلم].

وقال رحمه الله : الإيمان بالقَدَر فيه راحة للنفس والقلب ، وعدم الحزن على ما فات ، وعدم الغَمِّ والهَمِّ لما يستقبل ، قال الله تعالى : ﴿ مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ * لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ] والذي لا يؤمن بالقَدَر لا شكَّ أنه سوف يتضجر عند المصائب ويندم ، ويفتح الشيطان له كُلَّ باب ، وأنه سوف يفرح ويبطر ويغترُّ إذا أصابته السراءُ ؛ لكن الإيمان بالقَدَر يمنع هذا كلَّه.

وقال العلامة صالح بن فوزان الفوزان إن من أعظم ثمرات الإيمان بالقضاء والقدر صحة إيمان الشخص بتكامُل أركانه ؛ لأن الإيمان بذلك من أركان الإيمان الستة ، التي لا يتحقق إلا بها كما دلَّ على ذلك الكتاب والسُّنَّة.

ومن ثمرات الإيمان بالقضاء والقَدَر : طمأنينة القلب ، وارتياحه ، وعدم القَلَق في هذه الحياة عندما يتعرَّض الإنسان لمشاقِّ الحياة ؛ لأن العبد إذا علم أنَّ ما يُصيبه فهو مقدر لا بُدَّ منه ولا رادَّ له ، واستشعر قول الرسول صلى الله عليه وسلم : ((واعلَمْ أنَّ ما أصابَكَ لم يكُنْ ليُخْطئكَ وما أخطأك لم يكن ليُصيبكَ)) ؛ فإنه عند ذلك تسكن نفسُه ، ويطمئن بالُه ، بخلاف مَن لا يؤمن بالقضاء والقدر ، فإنه تأخذه الهموم والأحزان ، ويزعجه القلق حتى يتبرَّمَ بالحياة ، ويحاول الخلاص منها ، ولو بالانتحار كما هو مشاهد من كثرة الذين ينتحرون فرارًا من واقعهم ، وتشاؤمًا من مستقبلهم ؛ لأنهم لا يُؤمِنون بالقضاء والقدر ، فكان تصرُّفُهم ذلك نتيجةً حتميةً لسوء اعتقادهم ، وقد قال الله تعالى : ﴿ مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ * لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ ﴾ فأخبرنا سبحانه أنه قدَّر ما يجري من المصائب في الأرض ، وفي الأنفس ، فهو مقدر ومكتوب ، لا بُدَّ من وقوعه ، مهما حاولنا دفعه ، ثم بيَّن الحكمة من إخباره لنا بذلك ، لأجل أن نطمئن ، فلا نجزع ، ونأسف عند المصائب ، ولا نفرح عند حصول النعم ، فرحًا يُنسينا العواقب ؛ بل الواجب علينا الصبر عند المصائب ، وعدم اليأس من روح الله ، والشكر عند الرخاء ، وعدم الأمن من مكر الله ، ونكون مرتبطين بالله في الحالتين.

وكذلك تحويل المحن والمصائب إلى أجر ، قال تعالى: ﴿ مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴾، قال علمقة : هو الرجل تصيبه المصيبة ، فيعلم أنها من عند الله فيرضى ويسلم.

ومن ثمرات الإيمان بالقضاء والقدر : أنه يدفع الإنسان إلى العمل والإنتاج والقوة والشهامة ، فالمجاهد في سبيل الله يمضي في جهاده ، ولا يهاب الموت ؛ لأنه يعلم أن الموت لا بُدَّ منه ، وأنه إذا جاء لا يُؤخَّر ، لا يمنع منه حصون ولا جنود ، ﴿ أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ ﴾ ، ﴿ قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ ﴾، وهكذا حينما يستشعر المجاهد هذه الدفعات القوية من الإيمان بالقدر يمضي في جهاده حتى يتحقق النصر على الأعداء وتتوفر القوة للإسلام والمسلمين.

وكذلك بالإيمان بالقضاء والقدر : يتوفر الإنتاج والثراء ؛ لأن المؤمن إذا علم أن الناس لا يضرُّونه إلا بشيء قد كتبَه الله عليه ، ولا ينفعونه إلا بشيءٍ قد كتَبَه الله له ؛ فإنه لن يتواكل ، ولا يهاب المخلوقين ، ولا يعتمد عليهم ؛ وإنما يتوكَّل على الله ، ويمضي في طريق الكسب ، وإذا أصيب بنكسة ولم يتوفر له مطلوبه فإن ذلك لا يَثنيه عن مواصلة الجهود ، ولا يقطع منه باب الأمل ، ولا يقول : "لو أني فعلتُ كذا كان كذا وكذا" ويمضي في طريقه متوكلًا على الله مع تصحيح خطئه ، ومحاسبته لنفسه ، وبهذا يقوم كيان المجتمع ، وتنتظم مصالحه ، وصدق الله حيث يقول : ﴿ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا ﴾.

1 إجابة واحدة

0 تصويتات
بواسطة
 
أفضل إجابة
من ثمرات الإيمان بالقضاء والقدر
مرحبًا بك إلى ملك العلم ، حيث يمكنك طرح الأسئلة وانتظار الإجابة عليها من المستخدمين الآخرين.
...