بواسطة
السكري الحملي
 
السُّكَّري مرضٌ يجعل من الصعب بالنسبة للجسم أن يضبط مستويات السُكَّر في الدم. ويُعرف السُّكَّري الذي يبدأ في أثناء الحمل باسم السُّكَّري الحَملي. تُعاني خمسة بالمائة تقريباً من النساء من السُّكَّري في أثناء الحمل. ويُمكن أن يكون السُّكَّري الحَملي خطيراً على كلٍّ من الأمِّ والطفل. ولكن يُمكن الوقاية من مُضاعفاته عن طريق تشخيصه ومُعالجته في الوقت المناسب. ينصح الأطبَّاءُ المرأةَ الحامل بقياس سُكَّر الدم للتحرِّي عن السُّكَّري الحَملي بين الأسبوع الرابع والعشرين والأسبوع الثامن والعشرين من الحمل. وقد ينصحون بإجراء هذا الاختبار في وقت أبكر إذا كانت المرأة من ذوات الخطورة العالية للإصابة بالسُّكَّري الحَملي. تستطيع مُعظمُ النساء الحوامل تدبير السُّكَّري الحَملي بواسطة التغذية المناسبة وممارسة النشاط البدني وفحص مُستويات سُكَّر الدم لديهنَّ. بينما يكون على البعض اللجوء إلى استعمال بعض الأدوية الفموية أو الأنسولين إذا لم تكن التغذية المُناسبة وممارسة النشاط البدني تدابير ناجعة. يُصاب أكثر من نصف بالمائة من النساء اللواتي يتعرَّضن للسَُكَّري الحَملي بالسُّكَّري من النمط الثاني في وقت لاحق من حياتهن. ويُمكن للكثيرات من النساء تخفيف هذا الخطر عن طريق ممارسة التمارين الرياضيَّة بانتظام والمُحافظة على وزن مُناسب. قد تُصاب الحامل بالخوف عندما تعرف أنَّها مُصابة بالسُّكَّري الحَملي، ولكنَّها تستطيع في الحقيقة اجتياز مرحلة الحمل والولادة بسلام إذا تقيَّدت بخطَّة المُعالجة التي يقرِّرها الطبيب.

 
 
السُّكَّري الحَملي مرضٌ عارض، وهو يحدث في أثناء الحمل فقط؛ ويُشبه الأنماط الأُخرى للسُّكَّري. يستعرض هذا الفصل بعض المعلومات عن مرض السُّكَّري. يجعل السُّكَّري من الصعب على خلايا الجسم إنتاج الطاقة. ويتكوَّن الجسم من ملايين الخلايا التي تحتاج إلى الطاقة للقيام بوظائفها. يتحوَّل الطعام الذي نتناوله إلى سُكَّر يُدعى الغلوكوز. ويقوم الدم بنقل هذا السُّكَّر إلى الخلايا. والسُّكَّرُ مادَّة من بين مواد كثيرة تحتاج إليها الخلايا لإنتاج الطاقة. لابدَّ من توفُّر شرطين حتى يستطيع الغلوكوز أن يدخل إلى الخلايا: يجب أن تملك الخلايا عدداً كافياً من "البوَّابات" التي تُدعى مُستقبلات، كما ينبغي ثانياً توفُّر مادَّة تُدعى الأنسولين تقوم "بفتح" هذه البوَّابات. حالما يتوفَّر هذان الشرطان، فإنَّ الأنسولين يدخل إلى الخلايا التي تستعمله لإنتاج الطاقة. وتموت الخلايا إذا لم تحصل على الطاقة. الأنسولين هرمونٌ كيميائيٌّ يصنعه البنكرياس، وتتفاوت كمِّياته في الدم تبعاً لكمِّية الغلوكوز الموجودة في الدم. السُّكَّري مرضٌ يجعل من الصعب على خلايا الجسم الحصول على الغلوكوز الذي يحتاج إليه لإنتاج الطاقة.

 
يظهر السُّكَّري الحَملي ما بين الأُسبوع العشرين والأُسبوع الثامن والعشرين من بداية الحمل، وهو يختفي بعد انتهاء الحمل في معظم الحالات. يظهر السُّكَّري الحَملي، كما في أنماط السُّكَّري الأُخرى، عندما لا يستطيع الجسم استعمال السُّكَّر بشكل صحيح. ونقول عن المرأة إنَّها مُصابة بالسُّكَّري الحَملي عندما يكون لديها مُستويات مُرتفعة من الغلوكوز في دمها في أثناء الحمل. قد تقوم بعضُ الهرمونات التي تُنتجها المَشيمة في أثناء الحمل بمنع الأنسولين من القيام بعمله فتجعله غير فعَّال. يستطيع البنكرياس إنتاج كمِّيات إضافية من الأنسولين عادة لتفكيك الغلوكوز الذي يزداد استجابة للحمل، ولكنَّه يعجز عن ذلك عندما تُصاب المرأة بالسُّكَّري الحَملي. يُمكن أن تُؤثِّر مُستويات الغلوكوز في دم الأُم في مُستويات الغلوكوز في دم الجنين. كما يُمكن أن يُسبِّب الارتفاع الكبير في سُكَّر دم الجنين مشاكل حقيقيَّة مع الحمل. يصنِّع بنكرياس الجنين الأنسولين أيضاً. ويُحوِّل الأنسولين الغلوكوز إلى دهون. وإذا كانت لدى الأم مُستويات عالية من الغلوكوز، فإنَّ الطفل يكون لديه عند الولادة كمِّية من الدهون في جسمه أكبر من المعدَّل الطبيعي.

 
قد لا يستطيع الأطبَّاء أن يحدِّدوا بشكل مُسبق من هي المرأة التي ستُصاب بالسُّكَّري الحَملي، ومن التي لن تُصاب. ولكنَّ الأطبَّاء يعرفون العوامل التي يُمكن أن تزيد من احتمال الإصابة؛ وهم يُسمُّون هذه العوامل "عوامل الخطورة". يُمكن التحكُّم ببعض هذه العوامل، ولكن لا يُمكن التحكُّم ببعضها الآخر. كما أنَّ بعض النساء اللواتي ليس لديهنَّ أيٌّ من هذه العوامل يُمكن أن يُصبن بالسُّكَّري الحَملي أيضاً. تكون النساءُ الحوامل اللواتي تجاوزن الخامسة والعشرين من العمر مُعرَّضات أكثر من غيرهنَّ للإصابة بالسُّكَّري الحَملي. كما أنَّ النساء اللواتي لديهنَّ وزنٌ زائد هُنَّ في خطر مُتزايد للإصابة بالسُّكَّري الحَملي. ما إن تُصاب المرأة بالسُّكَّري الحَملي مرَّة، حتَّى يُصبح احتمال إصابتها به في الحُمول التالية أكبر. تكون النساء اللواتي سبق لهنَّ أن ولدن طفلاً وزنه أكثر من أربعة كيلوغرامات ونصف أكثر تعرُّضاً لخطر الإصابة بالسُّكَّري الحَملي. كما أنَّ السُّكَّري الحَملي يميل أيضاً إلى الحدوث عند النساء اللواتي لديهن قريب مُقرَّب يعاني من السُّكَّري. تكون النساء اللواتي تعرَّضن إلى مشكلات في حمل سابق أكثرَ تعرُّضاً لخطر الإصابة بالسُّكَّري الحَملي. ومن هذه المشكلات ولادةُ طفل ميت أو طفل يُعاني من عَيب ولادي. تعدُّ النساء اللواتي هنَّ من أُصول أمريكيَّة أو آسيوية أو أمريكية لاتينية أو أفريقيَّة أمريكيَّة، أو ينحدرن من سكَّان جزر المحيط الهادئ، في خطر أعلى للإصابة بالسُّكَّري الحَملي. إنَّ النساء اللواتي لديهنَّ مُتلازمة المبيض المُتعدِّد الكيسات هنَّ أكثر عرضة للإصابة بالسُّكَّري الحَملي من غيرهن. قد تُصاب المرأة بالسُّكَّري الحَملي دون أن يكون لديها أيٌّ من عوامل الخطورة. وقد يطلب الطبيب من المرأة الحامل أن تُجري اختباراً للتحرِّي عن السُّكَّري الحَملي إذا كان عمر الحمل بين أربعة وعشرين أُسبوعاً وثمانية وعشرين أُسبوعاً.

 
قد يقوم الطبيب بفحص المرأة الحامل حتَّى إذا لم يكن لديها أيٌّ من عوامل الخطورة، ذلك أنَّه غالباً ما لا يكون للسُّكَّري الحَملي أيَّة أعراض. وقد يظهر العطش والتبوُّل المُفرط في حالات نادرة فقط. قد يقرِّر الطبيبُ إجراء اختبار للمرأة التي لديها كثير من عوامل الخطورة قبل الفترة الطبيعيَّة لذلك الاختبار، وهي ما بين الأُسبوع الرابع والعشرين والأُسبوع الثامن والعشرين. قد يُجري الطبيب اختباراً يُدعى اختبار الغلوكولا ذا الساعة الواحدة، حيث يطلب الطبيب من المرأة أن تشرب سائلاً حلواً خلال فترة خمس دقائق، وألاَّ تتناول أيَّ طعام أو شراب، وألاَّ تُدخِّن أو تمضغ علكة أو سواها لمدَّة ساعة كاملة. ويجوز شرب رشفات صغيرة من الماء فقط. يجرى أخذُ عيِّنة من الدم بعد ساعة من تناول السائل، وذلك لفحص مُستوى الغلوكوز. ولن تكون هناك حاجة إلى أيِّ إجراء إذا كان مُستوى الغلوكوز ضمن الحدود الطبيعيَّة. أمَّا إذا كان مُستوى الغلوكوز غير طبيعي، فإنَّ الطبيب يطلب من المرأة إجراء اختبار تحمُّل السُّكَّر ذي الثلاث ساعات. يحتاج اختبار تحمُّل السَُكَّر إلى صيام الليل بطوله. ويجري قياسُ الغلوكوز قبل بدء الاختبار. يطلب الطبيب من المرأة بعد فترة الصيام تناولَ كميَّة أُخرى من سائل مُحلَّى يكون تركيز الغلوكوز فيه أكبرَ ممَّا كان في اليوم السابق؛ ثم يسحب عيِّنات من الدم بعد ساعة، وبعد ساعتين، وبعد ثلاث ساعات، وذلك لفحص مُستوى الغلوكوز. وتظهر النتائج في اليوم نفسه عادة. قد يطلب الطبيبُ إجراء فحوص إضافية للاطمئنان على صحَّة الجنين، ومن هذه الفحوص اختبارٌ غير إجهادي والشَّاكلة الفيزيائيَّة الحيويَّة وعدُّ ركلات الجنين. ويستطيع الطبيب تقدير مدى عافية الجنين من خلال هذه الاختبارات. يجري في الاختبار غير الإجهادي وضع مِجسَّات مُتَّصلة بجهاز مُراقبة على بطن الأُم، وذلك لقياس ضربات قلب الجنين. يجمع اختبار الشَّاكلة الفيزيائيَّة الحيويَّة بين الاختبار غير الإجهادي والفحص بالموجات فوق الصوتيَّة. ويسمح هذا الاختبار للطبيب بتقييم نبضات قلب الجنين والحركات والتنفُّس وتوتُّر العضلات. كما يسمح بقياس كمِّية السائل الأمنيوسي المحيط بالجنين. يُجرى عدُّ ركلات الجنين في آن واحد مع الاختبار غير الإجهادي أو اختبار الشَّاكلة الفيزيائيَّة الحيويَّة. وهذا الاختبار هو ببساطة إحصاء عدد ركلات الجنين على مدى فترة معيَّنة من الزمن؛ فإذا كانت حركة الجنين أقلَّ من الحدِّ الطبيعي، فقد يكون السبب هو عدم حصوله على كفايته من الأكسجين.

 
يعتمد اختيار مُعالجة السُّكَّري الحَملي على مدى صعوبة ضبط سُكَّر الدم لدى المريضة. وسيكون على المريضة على الأرجح أن تُراجع الطبيب عدَّةَ مرَّات لفحص مُستوى السَُكَّر في دمها. تحتاج المريضة من أجل ضبط السُّكَّري الحَملي لديها إلى اتِّباع نظام غذائي خاص وممارسة الرياضة وفحص مستويات السُّكَّر في دمها. قد يقوم الطبيبُ بتحويل المريضة إلى اختصاصي التغذية أو خبير التغذية الذي يساعدها على معرفة الأطعمة التي تستطيع تناولها. ويعدُّ الالتزامُ الدقيق بالنظام الغذائي المُحدَّد أمراً بالغ الأهمِّية. تُساعد الممارسةُ المنتظمة للتمارين الرياضية على المحافظة على مستويات طبيعيَّة للسُّكَّر في الدم. ولكن يجب مُناقشة أيِّ نظام للتمارين الرياضية مع الطبيب قبل البدء به. كما قد يطلب الطبيب من المريضة أيضاً فحص نسبة سُكَّر الدم كل يوم. وقد يقوم بتحويلها إلى مُثَقِّف السُّكَّري ليعلِّمها طريقة فحص نسبة السُّكَّر في الدم. ويجب تسجيل جميع قيم سُكَّر الدم في السجل الخاص بذلك. إذا لم يكن النظام الغذائي وممارسة الرياضة كافيين لضبط مستوى السُّكر في الدم، فقد تدعو الحاجة إلى استخدام الأدوية عن طريق الفم، أو الأنسولين طوال فترة الحمل. ويمكن مُعالجة ثمانين إلى تسعين بالمائة من النساء المصابات بالسُّكَّري الحَملي بنجاح، وذلك باتِّباع نظام غذائي مُناسب وممارسة الرياضة.

 
هناك عواقب كثيرة للسُّكَّري الحَملي، وذلك في أثناء الحمل وبعده. ويُمكن الوقاية من بعض هذه التأثيرات إذا اتَّبعت المريضة خطَّة المُعالجة التي وضعها لها طبيبها. ويعدُّ ضبط المريضة لمُستويات السكَّر في دمها أمراً بالغ الأهميَّة لصحَّتها وصحَّة طفلها. يزيد ارتفاعُ مستويات السُّكَّر في دم الأم من فرص إنجابها طفلاً كبيراً جداً "عرطل". وهذا ا يزيد بدوره من احتمال ولادة الطفل بعملية قيصرية. يحدث ارتفاعُ ضغط الدم الحَملي وما يُدعى بمُقدِّمات الارتعاج بنسبة أكبر عند النساء اللواتي يعانين من السُّكَّري الحَملي. وكلٌّ منهما يُمكن أن يُسبِّب مُضاعفات تُشكِّل خطراً على حياة الأُم والطفل في أثناء الحمل وعند الولادة.
إذا لم يتم ضبطُ سُكَّر الدم بشكل جيِّد في أثناء فترة الحمل، فقد يعاني الطفل من انخفاض نسبة السكَّر في دمه ومن مشاكل في التنفُّس بعد الولادة مباشرة. وقد يُؤدِّي الانخفاض الكبير في سكَّر الدم إلى حدوث النوبات الاختلاجيَّة. يكون الطفلُ أكثر عرضة للإصابة باليرقان إذا لم تتم السيطرة على السُّكَّري الحَملي عند الأم . وتزول معظمُ حالات يرقان الوليد من دون علاج، وهي ليست خطيرة. يحدث عند أكثر من نصف عدد النساء المصابات بالسُّكَّري الحَملي, سكَّري من النمط الثاني في وقت لاحق من الحياة. ويمكن لكثير من النساء تقليل هذا الخطر وذلك بممارسة التمارين الرياضية بانتظام، وتخفيف الوزن أيضاً. ينبغي فحصُ النساء اللواتي سبق أن كان لديهم سُكَّري حملي بشكل منتظم للتحرِّي عن مرض السُّكَّري. ويجب إجراء فحص لهنَّ خلال ستَّة أسابيع إلى اثني عشر أُسبوعاً بعد الولادة وفي مواعيد منتظمة. وعلى المريضة إخبار طبيبها إذا كان قد سبق لها أن أُصيبت بالسُّكَّري الحَملي. يجب على النساء اللواتي كان لديهن سُكَّري حملي خلال حملهن، وكان مستوى الغلوكوز في دمائهنَّ بعد الولادة طبيعياً، التحقُّق من مُستوى الغلوكوز مرَّةً على الأقل كلَّ ثلاث سنوات.

1 إجابة واحدة

0 تصويتات
بواسطة
 
أفضل إجابة
السُّكَّري مرضٌ يجعل من الصعب بالنسبة للجسم أن يضبط مستويات السُكَّر في الدم. ويُعرف السُّكَّري الذي يبدأ في أثناء الحمل باسم السُّكَّري الحَملي. تُعاني خمسة بالمائة تقريباً من النساء من السُّكَّري في أثناء الحمل. ويُمكن أن يكون السُّكَّري الحَملي خطيراً على كلٍّ من الأمِّ والطفل. ولكن يُمكن الوقاية من مُضاعفاته عن طريق تشخيصه ومُعالجته في الوقت المناسب. ينصح الأطبَّاءُ المرأةَ الحامل بقياس سُكَّر الدم للتحرِّي عن السُّكَّري الحَملي بين الأسبوع الرابع والعشرين والأسبوع الثامن والعشرين من الحمل. وقد ينصحون بإجراء هذا الاختبار في وقت أبكر إذا كانت المرأة من ذوات الخطورة العالية للإصابة بالسُّكَّري الحَملي. تستطيع مُعظمُ النساء الحوامل تدبير السُّكَّري الحَملي بواسطة التغذية المناسبة وممارسة النشاط البدني وفحص مُستويات سُكَّر الدم لديهنَّ. بينما يكون على البعض اللجوء إلى استعمال بعض الأدوية الفموية أو الأنسولين إذا لم تكن التغذية المُناسبة وممارسة النشاط البدني تدابير ناجعة. يُصاب أكثر من نصف بالمائة من النساء اللواتي يتعرَّضن للسَُكَّري الحَملي بالسُّكَّري من النمط الثاني في وقت لاحق من حياتهن. ويُمكن للكثيرات من النساء تخفيف هذا الخطر عن طريق ممارسة التمارين الرياضيَّة بانتظام والمُحافظة على وزن مُناسب. قد تُصاب الحامل بالخوف عندما تعرف أنَّها مُصابة بالسُّكَّري الحَملي، ولكنَّها تستطيع في الحقيقة اجتياز مرحلة الحمل والولادة بسلام إذا تقيَّدت بخطَّة المُعالجة التي يقرِّرها الطبيب.

 
 
السُّكَّري الحَملي مرضٌ عارض، وهو يحدث في أثناء الحمل فقط؛ ويُشبه الأنماط الأُخرى للسُّكَّري. يستعرض هذا الفصل بعض المعلومات عن مرض السُّكَّري. يجعل السُّكَّري من الصعب على خلايا الجسم إنتاج الطاقة. ويتكوَّن الجسم من ملايين الخلايا التي تحتاج إلى الطاقة للقيام بوظائفها. يتحوَّل الطعام الذي نتناوله إلى سُكَّر يُدعى الغلوكوز. ويقوم الدم بنقل هذا السُّكَّر إلى الخلايا. والسُّكَّرُ مادَّة من بين مواد كثيرة تحتاج إليها الخلايا لإنتاج الطاقة. لابدَّ من توفُّر شرطين حتى يستطيع الغلوكوز أن يدخل إلى الخلايا: يجب أن تملك الخلايا عدداً كافياً من "البوَّابات" التي تُدعى مُستقبلات، كما ينبغي ثانياً توفُّر مادَّة تُدعى الأنسولين تقوم "بفتح" هذه البوَّابات. حالما يتوفَّر هذان الشرطان، فإنَّ الأنسولين يدخل إلى الخلايا التي تستعمله لإنتاج الطاقة. وتموت الخلايا إذا لم تحصل على الطاقة. الأنسولين هرمونٌ كيميائيٌّ يصنعه البنكرياس، وتتفاوت كمِّياته في الدم تبعاً لكمِّية الغلوكوز الموجودة في الدم. السُّكَّري مرضٌ يجعل من الصعب على خلايا الجسم الحصول على الغلوكوز الذي يحتاج إليه لإنتاج الطاقة.

 
يظهر السُّكَّري الحَملي ما بين الأُسبوع العشرين والأُسبوع الثامن والعشرين من بداية الحمل، وهو يختفي بعد انتهاء الحمل في معظم الحالات. يظهر السُّكَّري الحَملي، كما في أنماط السُّكَّري الأُخرى، عندما لا يستطيع الجسم استعمال السُّكَّر بشكل صحيح. ونقول عن المرأة إنَّها مُصابة بالسُّكَّري الحَملي عندما يكون لديها مُستويات مُرتفعة من الغلوكوز في دمها في أثناء الحمل. قد تقوم بعضُ الهرمونات التي تُنتجها المَشيمة في أثناء الحمل بمنع الأنسولين من القيام بعمله فتجعله غير فعَّال. يستطيع البنكرياس إنتاج كمِّيات إضافية من الأنسولين عادة لتفكيك الغلوكوز الذي يزداد استجابة للحمل، ولكنَّه يعجز عن ذلك عندما تُصاب المرأة بالسُّكَّري الحَملي. يُمكن أن تُؤثِّر مُستويات الغلوكوز في دم الأُم في مُستويات الغلوكوز في دم الجنين. كما يُمكن أن يُسبِّب الارتفاع الكبير في سُكَّر دم الجنين مشاكل حقيقيَّة مع الحمل. يصنِّع بنكرياس الجنين الأنسولين أيضاً. ويُحوِّل الأنسولين الغلوكوز إلى دهون. وإذا كانت لدى الأم مُستويات عالية من الغلوكوز، فإنَّ الطفل يكون لديه عند الولادة كمِّية من الدهون في جسمه أكبر من المعدَّل الطبيعي.

 
قد لا يستطيع الأطبَّاء أن يحدِّدوا بشكل مُسبق من هي المرأة التي ستُصاب بالسُّكَّري الحَملي، ومن التي لن تُصاب. ولكنَّ الأطبَّاء يعرفون العوامل التي يُمكن أن تزيد من احتمال الإصابة؛ وهم يُسمُّون هذه العوامل "عوامل الخطورة". يُمكن التحكُّم ببعض هذه العوامل، ولكن لا يُمكن التحكُّم ببعضها الآخر. كما أنَّ بعض النساء اللواتي ليس لديهنَّ أيٌّ من هذه العوامل يُمكن أن يُصبن بالسُّكَّري الحَملي أيضاً. تكون النساءُ الحوامل اللواتي تجاوزن الخامسة والعشرين من العمر مُعرَّضات أكثر من غيرهنَّ للإصابة بالسُّكَّري الحَملي. كما أنَّ النساء اللواتي لديهنَّ وزنٌ زائد هُنَّ في خطر مُتزايد للإصابة بالسُّكَّري الحَملي. ما إن تُصاب المرأة بالسُّكَّري الحَملي مرَّة، حتَّى يُصبح احتمال إصابتها به في الحُمول التالية أكبر. تكون النساء اللواتي سبق لهنَّ أن ولدن طفلاً وزنه أكثر من أربعة كيلوغرامات ونصف أكثر تعرُّضاً لخطر الإصابة بالسُّكَّري الحَملي. كما أنَّ السُّكَّري الحَملي يميل أيضاً إلى الحدوث عند النساء اللواتي لديهن قريب مُقرَّب يعاني من السُّكَّري. تكون النساء اللواتي تعرَّضن إلى مشكلات في حمل سابق أكثرَ تعرُّضاً لخطر الإصابة بالسُّكَّري الحَملي. ومن هذه المشكلات ولادةُ طفل ميت أو طفل يُعاني من عَيب ولادي. تعدُّ النساء اللواتي هنَّ من أُصول أمريكيَّة أو آسيوية أو أمريكية لاتينية أو أفريقيَّة أمريكيَّة، أو ينحدرن من سكَّان جزر المحيط الهادئ، في خطر أعلى للإصابة بالسُّكَّري الحَملي. إنَّ النساء اللواتي لديهنَّ مُتلازمة المبيض المُتعدِّد الكيسات هنَّ أكثر عرضة للإصابة بالسُّكَّري الحَملي من غيرهن. قد تُصاب المرأة بالسُّكَّري الحَملي دون أن يكون لديها أيٌّ من عوامل الخطورة. وقد يطلب الطبيب من المرأة الحامل أن تُجري اختباراً للتحرِّي عن السُّكَّري الحَملي إذا كان عمر الحمل بين أربعة وعشرين أُسبوعاً وثمانية وعشرين أُسبوعاً.

 
قد يقوم الطبيب بفحص المرأة الحامل حتَّى إذا لم يكن لديها أيٌّ من عوامل الخطورة، ذلك أنَّه غالباً ما لا يكون للسُّكَّري الحَملي أيَّة أعراض. وقد يظهر العطش والتبوُّل المُفرط في حالات نادرة فقط. قد يقرِّر الطبيبُ إجراء اختبار للمرأة التي لديها كثير من عوامل الخطورة قبل الفترة الطبيعيَّة لذلك الاختبار، وهي ما بين الأُسبوع الرابع والعشرين والأُسبوع الثامن والعشرين. قد يُجري الطبيب اختباراً يُدعى اختبار الغلوكولا ذا الساعة الواحدة، حيث يطلب الطبيب من المرأة أن تشرب سائلاً حلواً خلال فترة خمس دقائق، وألاَّ تتناول أيَّ طعام أو شراب، وألاَّ تُدخِّن أو تمضغ علكة أو سواها لمدَّة ساعة كاملة. ويجوز شرب رشفات صغيرة من الماء فقط. يجرى أخذُ عيِّنة من الدم بعد ساعة من تناول السائل، وذلك لفحص مُستوى الغلوكوز. ولن تكون هناك حاجة إلى أيِّ إجراء إذا كان مُستوى الغلوكوز ضمن الحدود الطبيعيَّة. أمَّا إذا كان مُستوى الغلوكوز غير طبيعي، فإنَّ الطبيب يطلب من المرأة إجراء اختبار تحمُّل السُّكَّر ذي الثلاث ساعات. يحتاج اختبار تحمُّل السَُكَّر إلى صيام الليل بطوله. ويجري قياسُ الغلوكوز قبل بدء الاختبار. يطلب الطبيب من المرأة بعد فترة الصيام تناولَ كميَّة أُخرى من سائل مُحلَّى يكون تركيز الغلوكوز فيه أكبرَ ممَّا كان في اليوم السابق؛ ثم يسحب عيِّنات من الدم بعد ساعة، وبعد ساعتين، وبعد ثلاث ساعات، وذلك لفحص مُستوى الغلوكوز. وتظهر النتائج في اليوم نفسه عادة. قد يطلب الطبيبُ إجراء فحوص إضافية للاطمئنان على صحَّة الجنين، ومن هذه الفحوص اختبارٌ غير إجهادي والشَّاكلة الفيزيائيَّة الحيويَّة وعدُّ ركلات الجنين. ويستطيع الطبيب تقدير مدى عافية الجنين من خلال هذه الاختبارات. يجري في الاختبار غير الإجهادي وضع مِجسَّات مُتَّصلة بجهاز مُراقبة على بطن الأُم، وذلك لقياس ضربات قلب الجنين. يجمع اختبار الشَّاكلة الفيزيائيَّة الحيويَّة بين الاختبار غير الإجهادي والفحص بالموجات فوق الصوتيَّة. ويسمح هذا الاختبار للطبيب بتقييم نبضات قلب الجنين والحركات والتنفُّس وتوتُّر العضلات. كما يسمح بقياس كمِّية السائل الأمنيوسي المحيط بالجنين. يُجرى عدُّ ركلات الجنين في آن واحد مع الاختبار غير الإجهادي أو اختبار الشَّاكلة الفيزيائيَّة الحيويَّة. وهذا الاختبار هو ببساطة إحصاء عدد ركلات الجنين على مدى فترة معيَّنة من الزمن؛ فإذا كانت حركة الجنين أقلَّ من الحدِّ الطبيعي، فقد يكون السبب هو عدم حصوله على كفايته من الأكسجين.

 
يعتمد اختيار مُعالجة السُّكَّري الحَملي على مدى صعوبة ضبط سُكَّر الدم لدى المريضة. وسيكون على المريضة على الأرجح أن تُراجع الطبيب عدَّةَ مرَّات لفحص مُستوى السَُكَّر في دمها. تحتاج المريضة من أجل ضبط السُّكَّري الحَملي لديها إلى اتِّباع نظام غذائي خاص وممارسة الرياضة وفحص مستويات السُّكَّر في دمها. قد يقوم الطبيبُ بتحويل المريضة إلى اختصاصي التغذية أو خبير التغذية الذي يساعدها على معرفة الأطعمة التي تستطيع تناولها. ويعدُّ الالتزامُ الدقيق بالنظام الغذائي المُحدَّد أمراً بالغ الأهمِّية. تُساعد الممارسةُ المنتظمة للتمارين الرياضية على المحافظة على مستويات طبيعيَّة للسُّكَّر في الدم. ولكن يجب مُناقشة أيِّ نظام للتمارين الرياضية مع الطبيب قبل البدء به. كما قد يطلب الطبيب من المريضة أيضاً فحص نسبة سُكَّر الدم كل يوم. وقد يقوم بتحويلها إلى مُثَقِّف السُّكَّري ليعلِّمها طريقة فحص نسبة السُّكَّر في الدم. ويجب تسجيل جميع قيم سُكَّر الدم في السجل الخاص بذلك. إذا لم يكن النظام الغذائي وممارسة الرياضة كافيين لضبط مستوى السُّكر في الدم، فقد تدعو الحاجة إلى استخدام الأدوية عن طريق الفم، أو الأنسولين طوال فترة الحمل. ويمكن مُعالجة ثمانين إلى تسعين بالمائة من النساء المصابات بالسُّكَّري الحَملي بنجاح، وذلك باتِّباع نظام غذائي مُناسب وممارسة الرياضة.

 
هناك عواقب كثيرة للسُّكَّري الحَملي، وذلك في أثناء الحمل وبعده. ويُمكن الوقاية من بعض هذه التأثيرات إذا اتَّبعت المريضة خطَّة المُعالجة التي وضعها لها طبيبها. ويعدُّ ضبط المريضة لمُستويات السكَّر في دمها أمراً بالغ الأهميَّة لصحَّتها وصحَّة طفلها. يزيد ارتفاعُ مستويات السُّكَّر في دم الأم من فرص إنجابها طفلاً كبيراً جداً "عرطل". وهذا ا يزيد بدوره من احتمال ولادة الطفل بعملية قيصرية. يحدث ارتفاعُ ضغط الدم الحَملي وما يُدعى بمُقدِّمات الارتعاج بنسبة أكبر عند النساء اللواتي يعانين من السُّكَّري الحَملي. وكلٌّ منهما يُمكن أن يُسبِّب مُضاعفات تُشكِّل خطراً على حياة الأُم والطفل في أثناء الحمل وعند الولادة.
إذا لم يتم ضبطُ سُكَّر الدم بشكل جيِّد في أثناء فترة الحمل، فقد يعاني الطفل من انخفاض نسبة السكَّر في دمه ومن مشاكل في التنفُّس بعد الولادة مباشرة. وقد يُؤدِّي الانخفاض الكبير في سكَّر الدم إلى حدوث النوبات الاختلاجيَّة. يكون الطفلُ أكثر عرضة للإصابة باليرقان إذا لم تتم السيطرة على السُّكَّري الحَملي عند الأم . وتزول معظمُ حالات يرقان الوليد من دون علاج، وهي ليست خطيرة. يحدث عند أكثر من نصف عدد النساء المصابات بالسُّكَّري الحَملي, سكَّري من النمط الثاني في وقت لاحق من الحياة. ويمكن لكثير من النساء تقليل هذا الخطر وذلك بممارسة التمارين الرياضية بانتظام، وتخفيف الوزن أيضاً. ينبغي فحصُ النساء اللواتي سبق أن كان لديهم سُكَّري حملي بشكل منتظم للتحرِّي عن مرض السُّكَّري. ويجب إجراء فحص لهنَّ خلال ستَّة أسابيع إلى اثني عشر أُسبوعاً بعد الولادة وفي مواعيد منتظمة. وعلى المريضة إخبار طبيبها إذا كان قد سبق لها أن أُصيبت بالسُّكَّري الحَملي. يجب على النساء اللواتي كان لديهن سُكَّري حملي خلال حملهن، وكان مستوى الغلوكوز في دمائهنَّ بعد الولادة طبيعياً، التحقُّق من مُستوى الغلوكوز مرَّةً على الأقل كلَّ ثلاث سنوات.
مرحبًا بك إلى ملك العلم ، حيث يمكنك طرح الأسئلة وانتظار الإجابة عليها من المستخدمين الآخرين.
...